انصار الأدب الأصيل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى يعتني بالأدب الأصيل و نشر الشعر العربي و الحكم و الأمثال


    مجال لطفك بين النفس والنفس ** وسر هديك بين النار والقبس

    avatar
    الطائي


    المساهمات : 188
    تاريخ التسجيل : 26/12/2009

    مجال لطفك بين النفس والنفس  **  وسر هديك بين النار والقبس Empty مجال لطفك بين النفس والنفس ** وسر هديك بين النار والقبس

    مُساهمة  الطائي الأربعاء مايو 26, 2010 10:20 pm

    (



    مَجالُ لُطفِكَ بينَ النَّفْسِ والنَّفَسِ ** وسِرُّ هَدْيِكَ بينَ النّارِ والقَبَسِ
    وسَيْبُ جُودِكَ قَدْ عَمَّ الوجُودَ لُهىً ** ما بَيْنَ مُنْسَجِمٍ جَوْداً ومُنْبَجِسِ
    فَما عَسى أن يُطيلَ القولَ ذو لَسَنٍ ** أو ما عَسى أنْ يُطيلَ الصَّمْتَ ذو خَرَسِ
    بَهَرْتَ نُوراً فَلا سِتْرٌ لِمُلْتفِتٍ ** وفِضْتَ جوداً فلا عُذْرٌ لِمُلْتَمِسِ
    وعُدتَ بالحلْمِ والإجمالِ فاتَّضَحَتْ ** حُلى جَمالِكَ مِثْلَ الصُّبْحِ في الغَلَسِ
    فالكُلُّ مُحتفلٌ في الحمدِ مُبتهلٌ ** سُفْلٌ كعُلْوٍ ومَرؤوسٌ كَمُرْتَئِسِ
    وأيّما نِعمةٍ منْ قبلُ نَشْكُرها ** والشُّكرُ مِنْها وشُكرُ الشُّكر وَلْتَقِسِ
    كَفى بِخَيْرِ البَرايا نِعمةً نَفُسَتْ ** فأعجزَ الشكرُ عَنْها كُلَّ ذِي نَفَسِ
    كفى بِبَعْثِكَ خَيْرَ الرُّسْلِ مَوْهِبَةً ** عمَّتْ كِلا الثَّقَلَيْن الجِنِّ والإنِسِ
    رَسُولُ يُمْنٍ حَبانا كُلَّ مُلْتَمسٍ ** ونُورُ هَدْيٍ كفانا كُلَّ مُلْتَبَسِ
    حَمَى حِمى الحقِّ إرْغاماً لِمُبْطِلِهِ ** فالشِّرْكُ في مأْتَمٍ والدِّينُ في عُرُسِ
    نُورٌ لِمُقتبِسٍ حِرزٌ لِمُحترِسٍ ** يُمْنٌ لِمُنتَكِسٍ نُعْمى لِمُبتئِسِ
    أعْظِمْ بهِ من هُدىً لِلْمُقْتَفينَ نَدىً ** لِلْمُعْتَفين رَدىً لِلْمُلْحِدِ النّكِسِ
    وقى به اللهُ من هُلْكٍ وبصَّر مِن ** شَكٍّ وطَهَّرَ مِنْ إفكٍ ومِنْ دَنَسِ
    هَدَى به كُلَّ نابٍ سَمْعُه شَرهٍ ** وقادَ كُلَّ أبيٍّ طَبعُهُ شَرِسِ
    حَتَّى مَحا رَسْمَ إفْكٍ كانَ مُرتَسِماً ** وأثْبتَ الدِّينَ والدُّنيا على أُسُسِ
    آياتُ جُودٍ تَجلَّت في الوُجودِ ضُحىً ** ظَلَّتْ لَها فِئةُ التَّضْليل في عَبسِ
    إليكَ يا مَلْجأ الرَّاجينَ قد نَزَعَتْ ** نوازعٌ بيَ إنْ تُسْتَقْصَ لا تُقَسِ
    من سَفْحِ دَمعٍ بِسَفح الخدِّ مطَّردٍ ** وقَدْحِ وَجْدٍ بطيِّ الصَّدرِ منعَكِسِ
    ونَهْبِ شوقٍ أباحَ السُّقم مَنْهبتي ** فالجِسْمُ في تَعبٍ والقَلْبُ في تَعَسِ
    فَهَلْ سَبيلٌ تؤدِّي حِلْفَ قاصيةٍ ** إلى مَقَرِّ الهُدى من رَوْضةِ القُدُسِ
    الى البشيرِ النَّذير المُجْتَبى كَرَماً ** إلى السِّراج المُنيرِ الأشرفِ النَّدُسِ
    مَنْ لي بِلَثْمِ ضَريح لَثْمُهُ سَببٌ ** لِكُلِّ مُنقطعٍ باللهِ مؤتَنِسِ
    روضٌ كَساهُ الرِّضى من طِيْبِه خِلَعاً ** فَلَيْسَ يَعْرَى مُحِبٌّ مِنْ هَواهُ كُسِي
    يا ليتَ شِعْري وأيَّامي تُثَبِّطني ** ومَنْ سَقَتْهُ كؤوسُ العَجْزِ لم يَكِسِ
    هل أكحَلُ الجفنَ من تُرْبٍ بهِ عَبقٌ ** وأرشُفُ الثَّغرَ من إظلالِهِ اللَّعِسِ
    وأُبْلغُ الخَدَّ من تَعفيرهِ وَطراً ** شَوقاً لِمَوطئ نَعْلٍ طاهرٍ قُدُسي
    إليكَ يا ربّ شكوَى مُبْعَدٍ قَعدتْ ** بهِ الخَطايا فلَمْ يَنْهَضْ لِمُلْتَمَسِ
    غَرَّتْهُ غرّة دُنيا بالصِّبا فصَبا ** وأنَّسَتْهُ بتَهوينِ الهَوى فَنَسِي
    يا ربّ رُحماكَ في تَبْليغِ مأربهِ ** فَلُطفكَ اللُّطْفُ في تيسيرِ كل عَسِي
    أنا الفقير فَعُدْ بالفَضْلِ يا أمَلي ** فقَدْ دَعَوْتُكَ عن عُدْمٍ وعَنْ فَلَسِ
    ثُمَّ الصَّلاةُ على المبعوثِ مَرْحَمةً ** إلى الخليقة من جِنٍّ ومِن أنَسِ
    وآلهِ والصِّحابِ الغُرِّ قاطِبةً ** ما افْتَرَّ ثغرُ صَباحٍ عن لَمى غَلَسِ


    )


    ابن خاتمه الاندلسي


    (

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 1:55 am