,
,
يا أَيُّها البَدرُ إِنّي بَعدَ بُعدِكَ لا ** أَنفكُّ في جامِعِ الأَحزانِ مُعتَكِفا
أَرسَلتَ لَحظاً ضَعيفاً فَهوَ في تلفي ** يَقوى وَقَلبي قَويٌّ فَهوَ قَد ضَعُفا
وَفتيَةٍ لحمى المَحبوبِ قَد رَحَلوا ** وَخَلَّفَتني ذُنوبي بَعدَهُم خَلَفا
يَطوونَ شُقَّةَ بيدٍ كُلَّما نُشِرَت ** غَدوا وَكُلُّ اِمرئٍ بِالقَبرِ مُلتَحِفا
حَتّى رأوا حَضرَةَ الهادي الَّذي شَرُفت ** قُصّادُهُ وَعَلَت في قَصدِهِ شَرَفا
مُحَمَّدٍ صفوةِ اللَهِ الَّذي اِنكسَفَت ** إِذ جاءَ بِالحَقِّ شَمسُ الكُفرِ واِنكشَفا
المُصطَفى المرتَقي الأَفلاكِ معجزةً ** وَكانَ في الحَربِ بالأملاكِ مرتَدَفا
اللَيثُ وَالغَيثُ في يَومي نَدىً وَردىً ** وَالصادِقُ الفعل في يَومي وَغى وَوفا
الواهِبُ الهازِمُ الآلافَ مِن كَرَمٍ ** وَسَطوَةٍ لِلعِدى وَالصحبِ قَد عُرفا
فالغَيثُ مِن جودِهِ في الجَدبِ مغتَرِفاً ** كاللَيثِ مِن بأَسِهِ في الحَربِ معترفا
مَن قامَ في كَفِّ كَفّ الكُفرِ حينَ سَطَت ** حَقّاً وَفي صَرفِ صرف الدَهرِ حينَ هَفا
كانَ الأَنامُ جَميعاً قَبلَ مَبعَثِهِ ** عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَعادَ شِفا
كَم بَينَ إِيوان كِسرى مِن مناسَبَةٍ ** وَبَينَ بَدرِ السَما وَالكُفرِ قَد خُسِفا
هُما اِنشِقاقانِ هَذا يَوم مَولِدِهِ ** وَذا بمبعثهِ الزاكي هُدىً سَلَفا
لَهُ اللواءانِ ذا في الحَربِ مُنتَشِرٌ ** وَظِلُّ ذَلِكَ في يَومِ النُشورِ ضَفا
كَمالُهُ في النَدى الحوضانِ كوثرُهُ ** وَكَفُّهُ فازَ صَبٌّ مِنهُما اِغتَرَفا
سَرى إِلى المَسجِدِ الأَقصى مِنَ الحَرم ال مكّيِّ وَالطرفُ للإِسراعِ ما طُرِفا
ثُمَّ اِرتَقى الأُفقَ بِالجِسمِ الكَريمِ عُلىً ** وَالروحُ خادِمُهُ وَالقَلبُ ما ضَعفا
لقاب قَوسَينِ أَو أَدنى عَلا وَدَنا ** وَقَلبُ حاسِدِهِ المضنى غَدا هَدَفا
رُدَّت أَعاديهِ في بَدرٍ منكّسةً ** بخجلَةٍ أَورثَتها النقصَ وَالكَلَفا
وَيَومَ خَيبرَ آياتٌ مُبيَّنَةٌ ** بِالبابِ مِنهُ عَليُّ قَد عَلا شَرَفا
وَفي حنينٍ قَميصُ الشِركَ لَيسَ لَهُ ** لَمّا تَمَزَّقَ رافٍ مِن عداهُ رَفا
وَكَم خَوارِقَ حَتّى في قُلوبِهمُ ** مِن سمرِهِ وَسُيوفٍ برقُها خَطَفا
لَم يَقتَطِف زَهرَةَ الدُنيا وَزينَتَها ** بَل مالَ عَنها وَلاحَت رَوضَةً أُنُفا
هوَ الكَريمُ الَّذي ما رَدَّ سائِلَهُ ** ما شَكَّ شَخصانِ في هَذا وَلا اِختَلَفا
بالعَينِ قَد جادَ إفضالاً وَأَورَدَها ** وَرَدَّها بَعدَما أَرخَت لَها سُجُفا
وجوهُ أَصحابِهِ كَالدُّرِّ مُشرِقَةٌ ** إِذا رَأَيتَ اِمرءاً عَن هديهم صَدَفا
نالوا السَعادَةَ في دُنيا وَآخِرَةٍ ** وَالسَبقَ وَالفَضلَ وَالتَقديمَ وَالشَرَفا
وَبِالرضى خُصَّ مِنهُم عَشرَةٌ زهُرٌ ** يا وَيحَ مَن في موالاةٍ لَهُم وَقَفا
سَعدٌ سَعيدٌ زبيرٌ طَلحَةٌ وَأَبو ** عُبَيدَةٍ وابنُ عَوفٍ قَبلَهُ الخُلَفا
وَالسابِقونَ الأُلى قَد هاجَروا مَعَهُ ** وَما بِفَضلٍ لأَنصارِ النَبيِّ خَفا
تَبوّؤا الدارَ والإِيمانَ قَبلُ وَقَد ** آووا وَفَوا نصروا فازوا شَرَفا
المؤثِرونَ وَإِن لاحَت خصاصَتُهُم ** عَلى نُفوسِهِم العافينَ وَالضُعَفا
الضارِبونَ وجوهاً أَقبَلَت غَضَباً ** وَالتارِكونَ ظُهوراً أدبرَت أَنَفا
لا يَستَوي مُنفِقٌ مِن قَبلِ فَتحِهِمُ ** بِمُنفِقٍ بَعدُ بالإِنفاقِ قَد خَلَفا
وَالكلّ قَد وَعدَ اللَهُ المُهَيمِنُ بِال ** حُسنى وَأَولاهُمُ من بِرِّهِ تُحَفا
مِن كُلِّ أَروَعَ حامي الدِينِ ناصرِهِ ** وكُلِّ أَورعَ يُدعى سَيِّد الظُرَفا
لا تَسأَلَنَّ القَوافي عَن مآثِرِهِم ** إِن شِئتَ فاِستَنطِقِ القُرآنَ وَالصحفا
يا سَيّدي يا رَسولَ اللَهِ قَد شرفَت ** قَصائِدي بِمَديحٍ فيكَ قَد رصفا
مَدَحتُكَ اليَومَ أَرجو الفَضلَ مِنكَ غَداً** مِنَ الشَفاعَةِ فاِلحَظني بِها طَرَفَا
أَجَزت كَعباً فَحازَ الرفعَ مِن قَدَمٍ ** عَلى الرؤوسِ وَنالَ البشرَ وَالتُحَفا
وَقَد أَلِفتُ قِيامي في المَديحِ إِلى ** أَن قالَ مَن لامَ قَد أَبصَرتُهُ أَلِفا
بِبابِ جودِكَ عَبدٌ مُذنِبٌ كَلِفٌ ** يا أَحسَنَ الناسِ وَجهاً مُشرِقاً وَقَفا
وَإِن يَكُن نِسبَةً يُعزى إِلى حَجرٍ ** فَطالَما فاضَ عذباً طَيّباً وَصَفا
وَالمَدحُ فيهِ قُصورٌ عَنكُمُ وَعَسى ** في الخُلدِ يُبدلُ مِن أَبياتِهِ غُرَفا
لا زالَ فيكَ مَديحي ما حييتُ لَهُ ** فَما أَرى لِمَديحي عَنكَ مُنصَرَفا
,
ابن حجر العسقلاني
,
,
يا أَيُّها البَدرُ إِنّي بَعدَ بُعدِكَ لا ** أَنفكُّ في جامِعِ الأَحزانِ مُعتَكِفا
أَرسَلتَ لَحظاً ضَعيفاً فَهوَ في تلفي ** يَقوى وَقَلبي قَويٌّ فَهوَ قَد ضَعُفا
وَفتيَةٍ لحمى المَحبوبِ قَد رَحَلوا ** وَخَلَّفَتني ذُنوبي بَعدَهُم خَلَفا
يَطوونَ شُقَّةَ بيدٍ كُلَّما نُشِرَت ** غَدوا وَكُلُّ اِمرئٍ بِالقَبرِ مُلتَحِفا
حَتّى رأوا حَضرَةَ الهادي الَّذي شَرُفت ** قُصّادُهُ وَعَلَت في قَصدِهِ شَرَفا
مُحَمَّدٍ صفوةِ اللَهِ الَّذي اِنكسَفَت ** إِذ جاءَ بِالحَقِّ شَمسُ الكُفرِ واِنكشَفا
المُصطَفى المرتَقي الأَفلاكِ معجزةً ** وَكانَ في الحَربِ بالأملاكِ مرتَدَفا
اللَيثُ وَالغَيثُ في يَومي نَدىً وَردىً ** وَالصادِقُ الفعل في يَومي وَغى وَوفا
الواهِبُ الهازِمُ الآلافَ مِن كَرَمٍ ** وَسَطوَةٍ لِلعِدى وَالصحبِ قَد عُرفا
فالغَيثُ مِن جودِهِ في الجَدبِ مغتَرِفاً ** كاللَيثِ مِن بأَسِهِ في الحَربِ معترفا
مَن قامَ في كَفِّ كَفّ الكُفرِ حينَ سَطَت ** حَقّاً وَفي صَرفِ صرف الدَهرِ حينَ هَفا
كانَ الأَنامُ جَميعاً قَبلَ مَبعَثِهِ ** عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَعادَ شِفا
كَم بَينَ إِيوان كِسرى مِن مناسَبَةٍ ** وَبَينَ بَدرِ السَما وَالكُفرِ قَد خُسِفا
هُما اِنشِقاقانِ هَذا يَوم مَولِدِهِ ** وَذا بمبعثهِ الزاكي هُدىً سَلَفا
لَهُ اللواءانِ ذا في الحَربِ مُنتَشِرٌ ** وَظِلُّ ذَلِكَ في يَومِ النُشورِ ضَفا
كَمالُهُ في النَدى الحوضانِ كوثرُهُ ** وَكَفُّهُ فازَ صَبٌّ مِنهُما اِغتَرَفا
سَرى إِلى المَسجِدِ الأَقصى مِنَ الحَرم ال مكّيِّ وَالطرفُ للإِسراعِ ما طُرِفا
ثُمَّ اِرتَقى الأُفقَ بِالجِسمِ الكَريمِ عُلىً ** وَالروحُ خادِمُهُ وَالقَلبُ ما ضَعفا
لقاب قَوسَينِ أَو أَدنى عَلا وَدَنا ** وَقَلبُ حاسِدِهِ المضنى غَدا هَدَفا
رُدَّت أَعاديهِ في بَدرٍ منكّسةً ** بخجلَةٍ أَورثَتها النقصَ وَالكَلَفا
وَيَومَ خَيبرَ آياتٌ مُبيَّنَةٌ ** بِالبابِ مِنهُ عَليُّ قَد عَلا شَرَفا
وَفي حنينٍ قَميصُ الشِركَ لَيسَ لَهُ ** لَمّا تَمَزَّقَ رافٍ مِن عداهُ رَفا
وَكَم خَوارِقَ حَتّى في قُلوبِهمُ ** مِن سمرِهِ وَسُيوفٍ برقُها خَطَفا
لَم يَقتَطِف زَهرَةَ الدُنيا وَزينَتَها ** بَل مالَ عَنها وَلاحَت رَوضَةً أُنُفا
هوَ الكَريمُ الَّذي ما رَدَّ سائِلَهُ ** ما شَكَّ شَخصانِ في هَذا وَلا اِختَلَفا
بالعَينِ قَد جادَ إفضالاً وَأَورَدَها ** وَرَدَّها بَعدَما أَرخَت لَها سُجُفا
وجوهُ أَصحابِهِ كَالدُّرِّ مُشرِقَةٌ ** إِذا رَأَيتَ اِمرءاً عَن هديهم صَدَفا
نالوا السَعادَةَ في دُنيا وَآخِرَةٍ ** وَالسَبقَ وَالفَضلَ وَالتَقديمَ وَالشَرَفا
وَبِالرضى خُصَّ مِنهُم عَشرَةٌ زهُرٌ ** يا وَيحَ مَن في موالاةٍ لَهُم وَقَفا
سَعدٌ سَعيدٌ زبيرٌ طَلحَةٌ وَأَبو ** عُبَيدَةٍ وابنُ عَوفٍ قَبلَهُ الخُلَفا
وَالسابِقونَ الأُلى قَد هاجَروا مَعَهُ ** وَما بِفَضلٍ لأَنصارِ النَبيِّ خَفا
تَبوّؤا الدارَ والإِيمانَ قَبلُ وَقَد ** آووا وَفَوا نصروا فازوا شَرَفا
المؤثِرونَ وَإِن لاحَت خصاصَتُهُم ** عَلى نُفوسِهِم العافينَ وَالضُعَفا
الضارِبونَ وجوهاً أَقبَلَت غَضَباً ** وَالتارِكونَ ظُهوراً أدبرَت أَنَفا
لا يَستَوي مُنفِقٌ مِن قَبلِ فَتحِهِمُ ** بِمُنفِقٍ بَعدُ بالإِنفاقِ قَد خَلَفا
وَالكلّ قَد وَعدَ اللَهُ المُهَيمِنُ بِال ** حُسنى وَأَولاهُمُ من بِرِّهِ تُحَفا
مِن كُلِّ أَروَعَ حامي الدِينِ ناصرِهِ ** وكُلِّ أَورعَ يُدعى سَيِّد الظُرَفا
لا تَسأَلَنَّ القَوافي عَن مآثِرِهِم ** إِن شِئتَ فاِستَنطِقِ القُرآنَ وَالصحفا
يا سَيّدي يا رَسولَ اللَهِ قَد شرفَت ** قَصائِدي بِمَديحٍ فيكَ قَد رصفا
مَدَحتُكَ اليَومَ أَرجو الفَضلَ مِنكَ غَداً** مِنَ الشَفاعَةِ فاِلحَظني بِها طَرَفَا
أَجَزت كَعباً فَحازَ الرفعَ مِن قَدَمٍ ** عَلى الرؤوسِ وَنالَ البشرَ وَالتُحَفا
وَقَد أَلِفتُ قِيامي في المَديحِ إِلى ** أَن قالَ مَن لامَ قَد أَبصَرتُهُ أَلِفا
بِبابِ جودِكَ عَبدٌ مُذنِبٌ كَلِفٌ ** يا أَحسَنَ الناسِ وَجهاً مُشرِقاً وَقَفا
وَإِن يَكُن نِسبَةً يُعزى إِلى حَجرٍ ** فَطالَما فاضَ عذباً طَيّباً وَصَفا
وَالمَدحُ فيهِ قُصورٌ عَنكُمُ وَعَسى ** في الخُلدِ يُبدلُ مِن أَبياتِهِ غُرَفا
لا زالَ فيكَ مَديحي ما حييتُ لَهُ ** فَما أَرى لِمَديحي عَنكَ مُنصَرَفا
,
ابن حجر العسقلاني
,