انصار الأدب الأصيل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى يعتني بالأدب الأصيل و نشر الشعر العربي و الحكم و الأمثال


    تدرعت صبري جنة للنوائب فان لم تسالم يا زمان فحارب

    avatar
    الطائي


    المساهمات : 188
    تاريخ التسجيل : 26/12/2009

    تدرعت صبري جنة للنوائب        فان لم تسالم يا زمان فحارب Empty تدرعت صبري جنة للنوائب فان لم تسالم يا زمان فحارب

    مُساهمة  الطائي الخميس يناير 07, 2010 4:55 pm

    (

    (




    تدَرّعْتُ صبري جُنَّةً للنوائبِ ** فإن لم تُسالمْ يا زمان فحاربِ

    عجمتَ حصاةً لا تلين لعاجمٍ ** ورُضْتَ شموساً لا يذلّ لراكبِ

    كأنّك لم تقنع لنفسي بغربةٍ ** إذا لم أُنَقّب في بِلاد المَغاربِ

    بِلادٌ جرى فوق البُلادة ماؤها ** فأصبح منه ناهلاً كلُّ شاربِ

    فُطِمتُ بها عن كلّ كأسٍ ولَذّةٍ ** وأنفقتُ كنزَ العمر في غير واجِبِ

    يبيت رئاسُ العضب في ثِنْيِ ساعدي ** مُعاوضَةً من جِيد غيداءَ كاعبِ

    وما ضاجعَ الهنديُّ إلا مثلّماً ** مُضارِبه يَومَ الوغى في الضّرائبِ

    إذا كانَ لي في السَيفِ أُنس ألِفته ** فلا وحشة عندي لِفقد الحبائِبِ

    فَكُنتُ وَقَدّي في الصَبا مِثلُ قَدّه ** عَهدتُ إِلَيه أَن مِنهُ مَكاسِبي

    فَإِن تَكُ لي في المَشرَفِيّ مآربٌ ** فَكَم في عَصا مُوسى لَهُ مِن مَآرِبِ

    أَتحسبني أنْسَى وما زلت ذاكِراً ** خِيانةَ دَهري أو خيانةَ صَاحبي

    تَغَذّى بأخلاقي صغيراً ولَم تَكُنْ ** ضَرائِبُه إلّا خِلافَ ضَرائبي

    ويا ربّ نَبْتٍ تعتريهِ مرارَةٌ ** وقد كان يُسقى عذبَ ماء السحائِبِ

    علمتُ بتجريبي أموراً جَهِلتُها ** وقد تُجْهَل الأشياءُ قبل التجارِبِ

    ومَنْ ظَنّ أمْواه الخضارم عَذْبَةً ** قضى بخلاف الظنّ عندَ المشارِبِ

    ركبتُ النّوَى في رحلِ كلّ نَجيبةٍ ** تُواصِلُ أسبابي بقطع السَباسِبِ

    قِلاصٌ حَناهنّ الهزالُ كَأنها ** حنِيّات نَبْعٍ في أكفِّ جواذِبِ

    إذا وَرَدَتْ من زرقة الماءِ أَعيُناً ** وقَفْنَ على أرجائها كالحواجِبِ

    بصادقِ عزْم في الأماني يُحِلّني ** على أمَلٍ من همّةِ النفس كاذِبِ

    ولا سَكَنٌ إلا مناجاة فكرضةٍ ** كأني بها مستحضرٌ كلّ غائِبِ

    ولما رأيْت الناس يُرْهَب شرهُم ** تجنّبْتُهم واخترْت وَحْدَة راهِبِ

    أَحتّى خَيالٌ كُنتُ أَحظى بزَوْرِهِ ** لَه في الكَرى عن مَضجعي صدّ عاتِبِ

    فَهل حالَ من شَكلي عليهِ فَلم يَزرْ ** قضافةُ جسمي وابيضاضُ ذوائبي

    إذا عدَّ مَن غابَ الشُهورَ لِغُربَةٍ ** عددتُ لها الأحقابَ فوقَ الحقائِبِ

    وكَم عَزَماتٍ كالسيوفِ صوادِق ** تجرّدها أيدي الأَماني الكواذِبِ

    ولي في سماء الشرقِ مَطلَعُة كَوكَبٍ ** جلا من طلوعي بينَ زهرِ الكواكِبِ

    ألفتُ اغترابي عنه حتى تكاثَرَت ** له عُقَدُ الأيّام في كفِّ حاسِبِ

    متى تَسمَعُ الجَوزاءُ في الجو مَنطقي ** تصخْ في مَقالي لارتجالِ الغرائِبِ

    وكم لي به من صنوِ وُدٍّ محافظٍ ** لذي العيب من أعدائهِ غير غائِبِ

    أخي ثقةٍ نادَمْتُهُ الراحَ والصبا ** له من يدِ الأيامِ غَيرُ سوالِبِ

    معتّقةٌ دعْ ذكر أحْقابِ عُمرها ** فقد مُلئتْ منها أناملُ حاسِبِ

    إذا خاض منها الماءُ في مُضْمَر الحشا ** بدا الدرّ منها بين طافٍ وراسِبِ

    لياليّ بالمهديَّتين كأنها ال ** لآلئُ منْ دنْياك فَوقَ ترائِبِ

    ليالي لم يذهبن إلّا لآلئاً ** نظمنَ عقوداً للسّنين الذواهِبِ

    إذا شئتُ أنْ أرْمي الهلالَ بلحظَةٍ ** لمحتُ تَميماً في سماءِ المناقِبِ

    ولو أنّ أرضي حرةٌ لأتَيتُها ** بعزمٍ يعُدُّ السيرَ ضربةَ لازِبِ

    ولكنَّ أَرضي كَيفَ لي بفكاكها ** من الأسْر في أيدي العُلوجِ الغواصِبِ

    لَئِن ظَفِرت تِلكَ الكِلابُ بأَكلِها ** فبعد سكونٍ للعروقِ الضوارِبِ

    أَحينَ تفانى أَهلها طوْعَ فتنةٍ ** يضرّم فيها نارَه كلُّ حاطِبِ

    وأَضحَت بها أَهواؤهم وكَأَنَّما ** مذاهبهم فيها اختلافُ المذاهِبِ

    ولَم يرحَمِ الأَرحامَ منها أقارِبٌ ** تروّي سيوفاً من نجيع أقارِبِ

    وكان لهم جَذْبُ الأصابِعِ لم يَكُن ** رواجبُ منها حانياتِ رواجِبِ

    حُماةٌ إذا أبْصَرْتَهُمْ في كريهَةٍ ** رضيتَ من الآساد عن كلّ غاضِبِ

    إِذا ضَارَبوا في مأزِقِ الضربِ جرّدوا ** صواعقَ من أيديهمُ في سحائِبِ

    لهم يومَ طَعْنِ السُّمْرِ أيدٍ مبيحةٌ ** كُلَى الأسْدِ في كرّاتهم للثَعالِبِ

    تخبّ بهمْ قبٌّ يُطيلُ صهيلُها ** بأرْض أعاديهم نياحَ النّوادِبِ

    مؤلَّلَةُ الآذان تحتَ إلالهمْ ** كما حُرّفَتْ بالبريِ أقلامُ كاتِبِ

    إذا ما أدارَتها على الهام خلتَها ** تَدورُ لِسَمعِ الذِكر فوقَ الكَواكِبِ

    إذا سكتوا في غمرةِ الموْتِ أنْطقوا ** على البيض بيضَ المرهفاتِ القواضِبِ

    تَرى شُعَل النيرانِ في خَلجِ الظبا ** تذيق المنايا من أكفِّ المواهِبِ

    أُولئكَ قومٌ لا يُخاف انحرافُهُمْ ** عن الموت إن خامَتْ أسودُ الكتائِبِ

    إِذا ضَلَّ قومٌ عن سَبيلِ الهُدى اهتدوا ** وأيّ ضَلالٍ للنّجوم الثواقِبِ

    وكم منهمُ من صادق البأس مُفْكِرٍ ** إذا كَرّ في الأقدامِ لا في العَواقِبِ
    له حملةٌ عن فتكَتَينِ انفراجُها ** كفتكِك من وجهين شاهَ الملَاعِبِ

    إذا ما غَزَوْا في الرّومِ كان دخولُهُمْ ** بطونَ الخلايا في مُتون السّلاهِبِ

    يموتونَ موتَ العِزّ في حَوْمةِ الوَغى ** إذا ماتَ أهلُ الجبنِ بين الكَواعِبِ

    حَشَوْا من عجاجاتِ الجهادِ وسائداً ** تُعَدّ لهم في الدّفن تَحتَ المَناكِبِ

    فغاروا أفولَ الشهب في حُفَرِ البلى ** وأبْقَوْا على الدنْيا سوادَ الغياهِبِ

    ألا في ضمانِ اللَّه دار بِنُوطَسٍ ** وَدَرّتْ عليها مُعْصِراتُ الهواضِبِ

    أُمَثّلُها في خاطري كلّ ساعةٍ ** وأمْري لها قَطْرَ الدّموعِ السواكِبِ

    أَحنّ حنينَ النيبِ للمَوطنِ الّذي ** مغَاني غوانيه إِليهِ جَواذبي

    ومن سار عن أرْضٍ ثوى قلبُهُ بها ** تَمَنَّى له بالجِسمِ أَوبةَ آيِبِ



    ابن حمديس


    (

    =

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 12:01 am