(
حاتمُ بنُ عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن هزومة بن ربيعة
بن جرول ابن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ:
أتعرفُ أطلالاً ونؤياً مهدمَا ** كخطكَ في رقٍّ كتاباً منمنما
المنمنم: المحسن.
أذاعتْ به الأرواحُ بعدَ أنيسهِ ** شهوراً وأياماً وحولاً مجرما
أذاعتْ به: فرقته. المجرم: التام الذي انقطع. وجرم الحبلَ: قطعه. وقد انجرم الحول. ومنه الجرام:
الصرام.
المجرم: التام. والأرواح: جمع ريح، رجعت الياء إلى أصلها لما سكنَ ما قبلها. قال: أطلالاً. ثم قال:
أذاعت به. فرجع إلى الطلل.
فأصبحنَ قد غيرنَ ظاهرَ تربه ** وبدلتِ الأنواءُ ما كان معلما
أي ما كان معروفاً. ويروى: وأنكرت الأنواءُ؛ أي عرضته لأن ينكر، كقولك أقتلته: عرضته للقتل.
وأبعتُ الشيءَ عرضتهُ للبيع. قال الهمداني:
فرضيتُ آلاءَ الكميتِ فمن يبعْ فرساً فليس جوادُنا بمباع
وغيرها طول التقادم والبلى ** فما أعرفُ الأطلالَ إلا توهمَا
ديارُ التي قامتْ تريكَ، وقد خلت ** وأقوتْ من الزوارِ، كفا ومعصما
المعصم: موضع السوار.
ونحراً كفا ثورِ اللجينِ يزينه ** توقدُياقوتِ وشذراً منظمَا
الفاثور: خوان صغير.
كجمرِ الغضَا هبتْ له بعدَ هجعةٍ ** من الليلِ أرواحُ الصبا فتضرما
قال أبو عبيدة: الصبا عند العرب لإلقاحِ الشجر. والشمال للروح. والجنوب للإمطار. والدبور
للبلاءِ؛ وأهونه أن يكون غباراً عاصفاً يقذي العيونَ؛ وهي أقلهنَّ هبوباً.
يضيءُ لها البيتُ الظليلُ خصاصُه ** إذا هي ليلاً حاولتْ أن تبسمَا
يضيءُ لها: أي لأجلها. يعني لا خصاصَ فيه: أي لا فرَج.
إذا انقلبتْ فوقَ الحشيةِ مرةً ** ترنمَ وسواسُ الحليِّ ترنمَا
وعاذلتينِ هبتا بعد هجعةٍ ** تلومانِ متلافاً مفيداً ملوما
تلومانِ لمَّا غورَ النجمُ ضلةً ** فتًى لا يرى الإنفاقَ في الحقِّ مغرما
غور: دنا من المغيبِ. وضلةً: أي ضلالا. ورجلٌ ضلة: لا يهتمُّ بشأنه وماله. والنجمُ في تأويل
النجوم، كما تقول: ما رفع عنهم السيف، وعزَّ الدرهم والدينار. والنجم اسم علم للثريا
خاصة.
فقلتُ وقد طالَ العتابُ عليهما ** وأوعَدَتانِي أن تبينَا فتصرمَا
ألا لا تلوماني على ما تقدمَا ** كفى بصروفِ الدهرِ للمرءِ محكما
محكماً: أي إحكاماً.
فإنكما لا ما مضَى تدرِكانهِ ** ولستُ على ما فاتني متندمَا
تحلمْ عن الأدنينَ واستبقِ ودهمْ ** ولن تستطيعَ الحلمَ حتى تحلمَا
ونفسكَ أكرمها، فإنكَ إنْ تهنْ ** عليَ فلن تلقى لها الدهرَ مكرما
أهنْ في الذي تهوى التلادَ فإنَّه ** يصيرُ إذا ما مُتَّ نهباً مقسما
ويروى: فإنه إذا متَّ صار المالُ نهباً....
التلاد والتليد: ما كان عندهم قديماً. وأصل التاءِ الواو، كأنه ولد عندهم. والطارف
والطريف: مااستحدثوه.
ولا تشقياً فيه فيسعد وارثٌ ** به حينَ تحشَى أغبَر الجوفِ مظلمَا
يقسمه غنماً ويشرِي كرامهُ ** وقد صرتَ في خطٍّ منَ الأرضِ أعظمَا
يشرِي: يبتاعُ. ويشرِي: يبيعُ: "ولبئس ما شروا به أنفسهم". "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء
مرضاة الله"؛ أي يبيع نفسه. الخطُّ: الشقُّ.
قليلاً به ما يحمدنكَ وارثٌ ** إذا ساقَ مما كنتَ تجمعُ مغنما
متى ترقِ أضغانَ العشيرةِ بالأنَى ** وكفِّ الأذى يحسمْ لك الداءَ محسمَا
الأنى والأناة: الحلم.
إذا شئتَ نازيتَ امرأَ السوءِ ما نَزَا ** إليكَ، ولاطمتَ اللئيمَ الملطَّما
وعوراءَ قد أعرضتُ عنها فلم تضرْ ** وذي أودٍ قومتهُ فتقوما
عوراء: كلمة قبيحة. وعورت عليه ما فعل: قبحته. ويقال: ضاره يضيره ضيراً ويضوره. حكى
الفراء: لا ينفعني ذلك ولا يضورني. والأود: الاعوجاج.
وأغفرُ عوراءَ الكريمِ ادخارهُ ** وأعرضُ عن شتمِ اللئيم تكرما
وأغفر: أستر. يقولون: اصبغْ ثوبك؛ فإنه أغفرُ للوسخِ.
ولا أخذُلُ المولَى وإنْ كانَ خاذلاً ** ولا أشتمُ ابنَ العمِّ إنْ كان مفحمَا
وما ابتعثتني في هوايَ لجاجةٌ ** إذا لم أجدْ فيما أماميَ مقدمَا
وليلٍ بهيم قد تسربلتُ هولهُ ** إذا الليلُ بالنكسِ الجبانِ تجهما
ولن يكسبَ الصعلوكُ حمداً ولا غنًى ** إذا هو لمْ يركبْ من الأمرِ معظما
ولم يشهد الخيلَ المغيرةَ بالضُّحى ** يثرنَ عجاجاً بالسنابكِ أقتما
عليهنَّ فتيانٌ كجنةِ عبقرٍ ** يهزونَ بالأيدي وشيجاً مقوما
لحى اللهُ صعلُوكاً مناهُ وهمه ** من العيشِ أن يلقَى لبوساً ومطعما
ينامُ الضحى حتى إذا يومهُ استوى ** تنبهَ مثلوجَ الفؤادِ مورمَا
مقيماً معَ المثرينَ ليس ببارِح ** إذا نالَ جدوَى من طعامٍ ومجثما
وللهِ صعلوكٌ يساورُ همهُ ** ويمضي على الأحداث والدهرِ مقدمَا
فتى طلباتٍ لا يرى الخمصَ ترحةً ** ولا شبعةً إنْ نالَها عدَّ مغنمَا
إذا ما رأى يوماً مكارمَ أعرضتْ ** تيممَ كبراهنَّ ثمتْ صممَا
يرى رمحهُ ونبلهُ ومجنهُ ** وذا شطبٍ عضْبَ الضريبةِ مخذَما
الشطبُ: الطرائق في السيف. والضريبة: ما ضرب، فأراد به قاطعٌ للضريبة. والمخذم: الذي
ينتسف القطعة وخذم الثوب: شققه.
وأحناءَ سرج قاترٍ ولجامهُ ** عتادَ فتَى هيجَا وطرفاً مسومَا
سرج قاتر: إذا كان جيدَ الأخذِ من ظهرِ الفرس، لا صغيراً ولا كبيراً.
ويغشى إذا ما كانَ يومُ كريهة ** صدورَ العوالي فهوَ مختضبٌ دمَا
إذا الحربُ أبدتْ ناجذيها وشمرت ** وولَّى هدانُ القومِ أقدمَ معلمَا
فذلك إنْ يهلكْ فحسنٌ ثناؤُه ** وإنْ عاشَ لم يقعدْ ضعيفاً مذممَا
(
حاتمُ بنُ عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن هزومة بن ربيعة
بن جرول ابن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ:
أتعرفُ أطلالاً ونؤياً مهدمَا ** كخطكَ في رقٍّ كتاباً منمنما
المنمنم: المحسن.
أذاعتْ به الأرواحُ بعدَ أنيسهِ ** شهوراً وأياماً وحولاً مجرما
أذاعتْ به: فرقته. المجرم: التام الذي انقطع. وجرم الحبلَ: قطعه. وقد انجرم الحول. ومنه الجرام:
الصرام.
المجرم: التام. والأرواح: جمع ريح، رجعت الياء إلى أصلها لما سكنَ ما قبلها. قال: أطلالاً. ثم قال:
أذاعت به. فرجع إلى الطلل.
فأصبحنَ قد غيرنَ ظاهرَ تربه ** وبدلتِ الأنواءُ ما كان معلما
أي ما كان معروفاً. ويروى: وأنكرت الأنواءُ؛ أي عرضته لأن ينكر، كقولك أقتلته: عرضته للقتل.
وأبعتُ الشيءَ عرضتهُ للبيع. قال الهمداني:
فرضيتُ آلاءَ الكميتِ فمن يبعْ فرساً فليس جوادُنا بمباع
وغيرها طول التقادم والبلى ** فما أعرفُ الأطلالَ إلا توهمَا
ديارُ التي قامتْ تريكَ، وقد خلت ** وأقوتْ من الزوارِ، كفا ومعصما
المعصم: موضع السوار.
ونحراً كفا ثورِ اللجينِ يزينه ** توقدُياقوتِ وشذراً منظمَا
الفاثور: خوان صغير.
كجمرِ الغضَا هبتْ له بعدَ هجعةٍ ** من الليلِ أرواحُ الصبا فتضرما
قال أبو عبيدة: الصبا عند العرب لإلقاحِ الشجر. والشمال للروح. والجنوب للإمطار. والدبور
للبلاءِ؛ وأهونه أن يكون غباراً عاصفاً يقذي العيونَ؛ وهي أقلهنَّ هبوباً.
يضيءُ لها البيتُ الظليلُ خصاصُه ** إذا هي ليلاً حاولتْ أن تبسمَا
يضيءُ لها: أي لأجلها. يعني لا خصاصَ فيه: أي لا فرَج.
إذا انقلبتْ فوقَ الحشيةِ مرةً ** ترنمَ وسواسُ الحليِّ ترنمَا
وعاذلتينِ هبتا بعد هجعةٍ ** تلومانِ متلافاً مفيداً ملوما
تلومانِ لمَّا غورَ النجمُ ضلةً ** فتًى لا يرى الإنفاقَ في الحقِّ مغرما
غور: دنا من المغيبِ. وضلةً: أي ضلالا. ورجلٌ ضلة: لا يهتمُّ بشأنه وماله. والنجمُ في تأويل
النجوم، كما تقول: ما رفع عنهم السيف، وعزَّ الدرهم والدينار. والنجم اسم علم للثريا
خاصة.
فقلتُ وقد طالَ العتابُ عليهما ** وأوعَدَتانِي أن تبينَا فتصرمَا
ألا لا تلوماني على ما تقدمَا ** كفى بصروفِ الدهرِ للمرءِ محكما
محكماً: أي إحكاماً.
فإنكما لا ما مضَى تدرِكانهِ ** ولستُ على ما فاتني متندمَا
تحلمْ عن الأدنينَ واستبقِ ودهمْ ** ولن تستطيعَ الحلمَ حتى تحلمَا
ونفسكَ أكرمها، فإنكَ إنْ تهنْ ** عليَ فلن تلقى لها الدهرَ مكرما
أهنْ في الذي تهوى التلادَ فإنَّه ** يصيرُ إذا ما مُتَّ نهباً مقسما
ويروى: فإنه إذا متَّ صار المالُ نهباً....
التلاد والتليد: ما كان عندهم قديماً. وأصل التاءِ الواو، كأنه ولد عندهم. والطارف
والطريف: مااستحدثوه.
ولا تشقياً فيه فيسعد وارثٌ ** به حينَ تحشَى أغبَر الجوفِ مظلمَا
يقسمه غنماً ويشرِي كرامهُ ** وقد صرتَ في خطٍّ منَ الأرضِ أعظمَا
يشرِي: يبتاعُ. ويشرِي: يبيعُ: "ولبئس ما شروا به أنفسهم". "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء
مرضاة الله"؛ أي يبيع نفسه. الخطُّ: الشقُّ.
قليلاً به ما يحمدنكَ وارثٌ ** إذا ساقَ مما كنتَ تجمعُ مغنما
متى ترقِ أضغانَ العشيرةِ بالأنَى ** وكفِّ الأذى يحسمْ لك الداءَ محسمَا
الأنى والأناة: الحلم.
إذا شئتَ نازيتَ امرأَ السوءِ ما نَزَا ** إليكَ، ولاطمتَ اللئيمَ الملطَّما
وعوراءَ قد أعرضتُ عنها فلم تضرْ ** وذي أودٍ قومتهُ فتقوما
عوراء: كلمة قبيحة. وعورت عليه ما فعل: قبحته. ويقال: ضاره يضيره ضيراً ويضوره. حكى
الفراء: لا ينفعني ذلك ولا يضورني. والأود: الاعوجاج.
وأغفرُ عوراءَ الكريمِ ادخارهُ ** وأعرضُ عن شتمِ اللئيم تكرما
وأغفر: أستر. يقولون: اصبغْ ثوبك؛ فإنه أغفرُ للوسخِ.
ولا أخذُلُ المولَى وإنْ كانَ خاذلاً ** ولا أشتمُ ابنَ العمِّ إنْ كان مفحمَا
وما ابتعثتني في هوايَ لجاجةٌ ** إذا لم أجدْ فيما أماميَ مقدمَا
وليلٍ بهيم قد تسربلتُ هولهُ ** إذا الليلُ بالنكسِ الجبانِ تجهما
ولن يكسبَ الصعلوكُ حمداً ولا غنًى ** إذا هو لمْ يركبْ من الأمرِ معظما
ولم يشهد الخيلَ المغيرةَ بالضُّحى ** يثرنَ عجاجاً بالسنابكِ أقتما
عليهنَّ فتيانٌ كجنةِ عبقرٍ ** يهزونَ بالأيدي وشيجاً مقوما
لحى اللهُ صعلُوكاً مناهُ وهمه ** من العيشِ أن يلقَى لبوساً ومطعما
ينامُ الضحى حتى إذا يومهُ استوى ** تنبهَ مثلوجَ الفؤادِ مورمَا
مقيماً معَ المثرينَ ليس ببارِح ** إذا نالَ جدوَى من طعامٍ ومجثما
وللهِ صعلوكٌ يساورُ همهُ ** ويمضي على الأحداث والدهرِ مقدمَا
فتى طلباتٍ لا يرى الخمصَ ترحةً ** ولا شبعةً إنْ نالَها عدَّ مغنمَا
إذا ما رأى يوماً مكارمَ أعرضتْ ** تيممَ كبراهنَّ ثمتْ صممَا
يرى رمحهُ ونبلهُ ومجنهُ ** وذا شطبٍ عضْبَ الضريبةِ مخذَما
الشطبُ: الطرائق في السيف. والضريبة: ما ضرب، فأراد به قاطعٌ للضريبة. والمخذم: الذي
ينتسف القطعة وخذم الثوب: شققه.
وأحناءَ سرج قاترٍ ولجامهُ ** عتادَ فتَى هيجَا وطرفاً مسومَا
سرج قاتر: إذا كان جيدَ الأخذِ من ظهرِ الفرس، لا صغيراً ولا كبيراً.
ويغشى إذا ما كانَ يومُ كريهة ** صدورَ العوالي فهوَ مختضبٌ دمَا
إذا الحربُ أبدتْ ناجذيها وشمرت ** وولَّى هدانُ القومِ أقدمَ معلمَا
فذلك إنْ يهلكْ فحسنٌ ثناؤُه ** وإنْ عاشَ لم يقعدْ ضعيفاً مذممَا
(